وفيما يلي نص المقابلة:
استيعاب العدوان
* بعد مرور ستة أشهر على الحرب.. كيف تنظرون بشكلٍ عامٍّ إلى أداء الحكومة خلال تلك الفترة؟
** لا شك أن هذه الأشهر الست تختلف عما قبلها؛ فقد جاءت عقب الحرب والعدوان الأشرس على قطاع غزة؛ حيث صبَّ الاحتلال حِمَمَه ضد كل ما هو فلسطيني في قطاع غزة، مُدمِّرًا البنى التحتية ومبانيَ الوزارات والمؤسَّسات الأمنية وبيوت الآمنين والمدارس ورياض الأطفال والجامعات، وجرَّف الأشجار، ودمَّر المزروعات، وخرَّب الشوارع وشبكات المياه والكهرباء والهاتف إلى أن غادر القطاع مُكرَهًا، ولكن بعد أن عاث فسادًا في كل شيء.
ورغم هذه الصورة التي تبدو قاتمة فإن ما تبعها كان لا يقل بطولةً عن صمود شعبنا أثناء المعركة؛ حيث عادت كل الوزارات إلى العمل، بل وبكفاءة أعلى، وعمل الوزراء والموظفون في الخيام وفي مبانٍ ضيقةٍ وبإمكانياتٍ شحيحةٍ لتوفير الخدمة للجمهور الفلسطيني، وتحرَّكت الوزارات ذات العلاقة المباشرة بالجمهور في أكثر من صعيد لاستمرار تقديم الخدمات وتطويرها حسب الحاجة، ومحاولة إيجاد الإمكانيات التي تتناسب مع طبيعة الواقع الجديد.
وشهد القطاع إبداعات في وزارة الصحة، وخاصةً في التعامل مع جرحى العدوان الوحشي على غزة وضحاياه، وعملت وزارات الشؤون الاجتماعية والأشغال العامة والمواصلات والاتصالات بكفاءة لإعادة الخدمة إلى أبناء شعبنا بسرعة وكفاءة.
وعلى سبيل المثال تم إصلاح عشرات الشوارع رغم عدم وجود مادة "الأسفلت"، إلا أن الإبداع الفلسطيني استخدم الطوب الصغير في محاولةٍ لتجاوز آثار الحرب والعدوان والحصار.
واستطاعت الحكومة خلال وقت قصير استيعاب الكثير من آثار العدوان والانطلاق بكل مكوِّناتها نحو العمل الحثيث، مُتسلِّحةً بالمعنويات العالية، ويشهد الأداء تحسنًا متواصلاً.
ورغم ذلك نحن لا ننكر بعض العثرات هنا وهناك، ولكنها ليست وفق قرارات مركزية، ولكن كنتيجةٍ طبيعيةٍ لضغط العمل وكثافته بعد الحرب.
حرصٌ على الانفتاح
* هل أنتم مطمئنون لأداء وزرائكم ومسؤولي الدوائر الحكومية المختلفة؟
** بالتأكيد.. لدينا الثقة الكاملة بالإخوة الوزراء، خاصة أنهم يعملون في ظل ظروفٍ استثنائيةٍ صعبةٍ؛ فهناك الحصار والعدوان والحرب وحالة الانقسام والكثير من التحديات، ومع ذلك نجح الإخوة الوزراء في قيادة دفة العمل، بل وتحقيق الإنجازات رغم قلة الإمكانيات وصعوبة الواقع الراهن، ويجري العمل وفق تناغمٍ وتنسيقٍ وتكاملٍ بين الوزارات المختلفة، وتشكلت اللجان الوزارية لعلاج أية حالة طارئة بشكل لم يكن موجودًا في مراحل سابقة.
* كيف أثَّر الظرف الأمني الذي يمنعك من الظهور في بعض الأحيان على أداء الحكومة؟
** لم يكن هناك أي غياب لرئيس الحكومة أو الوزراء عن العمل أو عن القرار وأدق التفاصيل حتى في أحلك الظروف أو في فترة الحرب؛ حيث استطعنا إيجاد الوسائل للتواصل بشكلٍ كاملٍ وفعَّالٍ لممارسة المهام التي كلَّفنا بها شعبُنا، وهناك اطلاع لدينا على دقائق الأمور، ولقاءاتٌ دائمة مع الحكومة وأعضائها بشكل جماعي أو فردي.
* كيف تنظرون إلى العلاقة بين حكومتكم وحركة "حماس"؟
** نحن كحكومة حريصون على الانفتاح على كل مكوِّنات المجتمع الفلسطيني، سواءٌ كانت حركات سياسية أو أحزابًا أو منظمات أهلية أو عشائر.
بالطبع هناك خصوصية لحركة "حماس"، ونعمل على التكامل بين مكونات المجتمع والحكومة بما يخدم مصالح شعبنا، رغم وجود بعض الفروق في العمل والأداء بين الحكومة التي تمثل كل شعبنا الفلسطيني والحركة، إلا أن هذه الفروق ليست تعارضًا، وإنما فروق طبيعية بين حركة وحكومة تفرضها طبيعة الموقع، وقد نجحنا حتى الآن في منع ذوبان الحركة في الحكومة أو الحكومة في الحركة، واستطعنا إدارة المعادلة، مستفيدين من تجارب سابقة، سواءٌ في الواقع الفلسطيني أو غيره من المجتمعات الأخرى التي لم تنجح في منع التداخل بين حركات التحرُّر والحكومات المنبثقة عنها، ونحن نستمع لنصائح الجميع ونأخذها بعين الاعتبار، سواء من الإخوة في "حماس" أو غيرها من فصائل العمل الوطني.
إبداع سياسي
* يعتقد البعض أن تبنيَ الحكومةِ فكرَ المقاومة انتحارٌ سياسيٌّ.. ما تعليقكم؟
** على العكس تمامًا؛ هو إبداع سياسي؛ فالمقاومة ليست مجرد بندقية أو عبوة ناسفة، وإنما فكر وثقافة وهوية، ونحن لم نخلط بين المراحل، ونعي جيدًا أننا لا نزال في مرحلة تحرُّرٍ وطنيٍّ، ولكن ندير حكومة تحمي وتدافع عن برنامج وخيار المقاومة للوصول إلى إقامة الدولة بعد التحرر والانعتاق من ظلم الاحتلال، وندير الآن جملة هذه العلاقات المتقاطعة بسلاسة؛ حيث نحاول تحقيق مصالح المواطنين وإدارة حياتهم اليومية دون الوقوع في خطر التنازل السياسي